تطور القانون – الجزء الثاني: القانون في الأديان السماوية

في هذا الجزء نستعرض كيف غيّرت الأديان السماوية مفهوم القانون، من الشريعة اليهودية والتلمود،
إلى القانون الكنسي المسيحي، ثم الشريعة الإسلامية ومدارسها الفقهية.

المقدمة

مع بداية الأديان السماوية، تغيّر مفهوم القانون بشكل جذري. فبعد أن كان مرتبطًا بالملوك
أو الآلهة المتعددة، أصبح القانون يستمد سلطته من إرادة إله واحد، مع بُعد أخلاقي وروحي
يتجاوز العقوبة إلى تزكية النفس والعدالة المطلقة.

1) القانون في الشريعة اليهودية

1.1 التوراة كمصدر للتشريع

التوراة هي المرجع الأساسي للقانون اليهودي. تضم الوصايا العشر كأساس أخلاقي، إضافة إلى
أحكام تنظم الملكية، الزواج، الطلاق، والعقوبات.

1.2 التلمود والشريعة الحاخامية

التلمود يمثل التفسير الموسع للتوراة. شكّل منظومة فقهية تناولت التجارة والعقوبات
والأخلاقيات.
Jewish Virtual Library – Jewish Law.

2) القانون في المسيحية

2.1 العهد الجديد والقانون الأخلاقي

ركزت المسيحية على القوانين الأخلاقية: المحبة، الغفران، المساواة أمام الله. أكد المسيح
على إكمال الشريعة لا نقضها.

2.2 القانون الكنسي

نشأ القانون الكنسي لإدارة الكنيسة، ثم تطور لاحقًا ليؤثر في القوانين الأوروبية.
Britannica – Canon Law.

2.3 أثر المسيحية على القوانين الغربية

رسخت العدالة الرحيمة وقدسية الزواج، وأسست لفكرة المساواة الروحية.

3) القانون في الإسلام

3.1 القرآن والسنة

يشكل القرآن والسنة المصدرين الأساسيين للتشريع. تناولا أحكام العبادات والمعاملات
والأسرة والعقوبات.

3.2 مقاصد الشريعة

تهدف إلى حفظ الدين، النفس، العقل، المال، والنسل. أي أنها منظومة أخلاقية وإنسانية شاملة.

3.3 مدارس الفقه

تطور الفقه عبر مدارس متعددة مثل الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، إضافة إلى
المذهب الجعفري، ما وفر تنوعًا فقهيًا واسعًا.

3.4 النظام القضائي الإسلامي

شمل القضاء، الحسبة لمراقبة الأسواق، وديوان المظالم لمحاسبة الحكام.
Stanford Encyclopedia – Islamic Law.

4) السمات المشتركة للقانون في الأديان السماوية

  • القداسة: مصدر القانون إلهي يمنحه سلطة مطلقة.
  • الأخلاق: القانون وسيلة للتزكية وليس للعقوبة فقط.
  • المساواة: الجميع متساوون أمام الله.
  • ثنائية الدنيا والآخرة: العقوبة دنيوية وأخروية.
  • أثر عابر للحدود: هذه الشرائع أثرت في القوانين اللاحقة.

الخاتمة

القانون في الأديان السماوية مثّل نقلة نوعية: أضاف البعد الإلهي والأخلاقي للعدالة،
وغيّر مسار القانون الإنساني من مجرد قواعد اجتماعية إلى منظومة شاملة للحياة.

في الجزء الثالث من السلسلة سنستعرض القانون في العصور الوسطى،
وكيف تفاعل مع النظم الإقطاعية في أوروبا وتطور في الحضارة الإسلامية.

مراجع موثوقة

سلسة تطور القانون :

الجزء الأول : مقدمة السلسلة

الجزء الثاني : ما قبل الأديان السماوية